الخيالات الجنسية تتعبتي ؟

سُؤالي محرج، لكن ليسَ لديَّ من أسألُه غيركم. أنا فتاةٌ عمري 18 عاماً، منذُ عدَّةِ أشهُر ازدادت عندي الخيالاتُ الجنسية، وبعد أن عرفتُ المذي، وعلمتُ أنه يأتي من التفكيرِ بالجنس، وحرصاً على صلاتي قرَّرتُ أن أبتعد، لكني كلما تمدَّدتُ على السرير تأتيني أفكارٌ عن الجنس، لكنها ليست عني أنا، بل عن شخصيَّاتِ الرُّسوم المُتحرِّكة، وتُسبِّبُ لي إثارة، ولذلك بدأت وحرصاً على الصلاة أُعطي لنفسي التفكير في هذا الأمر فقط في فترة الحيض، حيث ليس علي صلاة، وهي لا تُسبِّبُ نزول المني، ولكن فقط المذي، وانقباضات، كما أن تفكيري في فترة الحيض يُساعدني على السيطرة على أفكاري بعد انتهائه، لكني سمعتُ أنه من العادة السرية، فهل هو فعلاً كذلك؟

     أشعرُ أنَّ عقلي مليءٌ بالأفكار السيئة، من تفكيري بالشذوذ كما طرحتُ عليكم في استشارة سابقة، كوني أنجذبُ إلى الرسوم المتحركة التي تتحدَّثُ عن علاقة بين ولدين، لكني ابتعدتُ عنها نهائياً، ورغم ذلك ما زالت تجذبني، ولكن الآن صارت لدي مشكلة الخيالات الجنسية، صحيحٌ أنها ليست عن الشذوذ، ولكن هل هي عادة سرية؟

     أشعرُ أن أفكاري كلها سيئة، فمثلاً: لو كانت قصة عن أخوين أشعرُ أن عقلي يُصوِّر لي علاقتهما أكثر من المعتاد، قد تصل إلى الشذوذ؛ لأني لا أعرفُ العلاقة الطبيعية بين الإخوة، وأشعرُ أن عقلي مليءٌ بالأفكار المحرَّمة والشاذة، والتي تفرض نفسها بالحيلة، وعلي مقاومتها.

     ماذا أفعل؟ أرجوكم ساعدوني، كيف أتصرَّف مع هذه الخيالات؟ وهل يُمكنني الاستمرار عليها في فترة الحيض فقط؟ وكيف أجعل أفكاري نقية؟

المستشار: د.أحمد المحمدي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

     الأخت الفاضلة: أهلاً بك في موقعك وموقع كل سائل “مستشارك الخاص”، ونحنُ نسعدُ بتواصُلُك معنا، ونسألُ اللهَ أن يُباركَ في عمرك، وأن يرزقك عملَ الخير، وخير العمل. وبخصوصِ ما وردَ في رسالتك؛ فإننا نُحبُّ أن نُجيبك من خلال النِّقاطِ التَّالية:

      أولاً: نحنُ نتفهَّمُ تماماً المرحلة العمرية التي تمُرِّينَ بها أختنا الفاضلة، ونُدركُ تماماً أنها مرحلة دقيقةٌ وخطيرة، ويجب أن يكون التعامل معها بحذرٍ وحرصٍ شديدين.

     ثانياً: الشهوة -يا ابنتي- موجودةٌ في كل فرد، ولها طريقٌ شرعيٌّ تُصرف فيه، وهو الزواج، وطريقُ الحرام على درجاته، ومن درجاته العادة السرية، وما شابهها من تخيلات تقودُ إلى المعصية المحرمة، وقد سئُلت “اللجنة الدائمة للإفتاء”: هل يجوزُ للشاب الأعزب أن يُفكِّرَ في الجماع -أعني يتخيل أنه يُجامع زوجته وهو لم يتزوج بعد-؟ فأجابت: لا يجوز له ذلك؛ لأنه ذريعة إلى ارتكاب الفاحشة، والوقوع في الشر والفساد. اهـ.

     وسئُلت أيضاً: قد تنتابُ الإنسان شهوته، فيُفكِّر في الجماعِ كثيراً، فينزلُ منه المني، فهل هذا يدخلُ من ضمن العادة السرية؟ وإذا كان يُفكِّر في الجماع لينزل المني فيشعر باللذة، فهل هذا من قبيل العادة السرية أيضاً؟ فأجابت: إذا عرضت للإنسان خطرة ففكَّرَ في الجماع عفواً، فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى؛ لما في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ الله تجاوزَ لي عن أُمتي ما وسوست به صدورها. وفي رواية: ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم). لكن على من فكر فأنزل من تلذذه بالفكرة أن يغتسل؛ لأن حكم الجنابة قد تعلق به والحالة هذه. أما إذا كان يعمد إلى هذا التفكير، ويستجلبه بين الحين والآخر؛ فهذا لا يجوز، ولا يليق بخلق المسلم، وينافي كمال المروءة، وعلى المسلم أن يكف عنه، ويشتغل بما يصرفه عن إثارة شهوته بما ينفعه في دينه ودنياه، على أن تعمد الإثارة بغير الطريق المشروع مُضِرٌّ بالصحة في البدن والعقل، ويخشى أن يجر إلى ما لا تحمد عقباه. اهـ.

      وإننا نلفت انتباهك -أختنا الفاضلة- إلى أن مثل هذه التخيلات لا تدفع الشهوة، بل تزيدها، وتؤجِّجُها، وتطورها؛ لأنها بعد فترةٍ لن تقنع بالخيالات أيام الحيض، بل سيتعدى الأمر رغماً عنك، ثم بعد فترةٍ قد يتطوَّر إلى ما لا تحبينه أختنا الفاضلة.

      ثالثاً: التفكير الذي اعتراك من جراء مشاهدة الكرتون هو أمرٌ أتى تماماً في سياقه؛ لأن الشبهة إذا عرضت في القلب تركت أثراً، وعليك أن تتخلصي من هذا التفكير الشاذ، وأن تُدركي أن العلاقة بين الأخوة أو الأخوين هي مثل العلاقة بين الأختين لا ينتابها مثل هذا التفكير الشاذ.

     رابعاً: حتى تجتازي هذه المرحلة الحرجة من حياتك نوصيك بما يلي:

1- الاجتهاد في الطاعة والإقبال على الله عز وجل، وكثرة الاستغفار، والحرص على أداء الفرائض في وقتها والنوافل، واحرصي على تكرارها والمداومة عليها وإن كانت قليلة.

2- غض البصر: وهذا أول مراتب الشفاء من مرض تلك الشهوة المحرمة إن شاء الله، واعلمي أنك متى ما استقامَ لديك هذا الميزان حصل لك الاعتدال المطلوب في الشهوة، فإذا وقعت عينك على ما لا تحبين، أو غلبتك نفسك؛ فعليك بغض البصر مقروناً بالاستغفار.

3- نود منك أن تُشغلي وقتك دائماً، واحذري -أختي الفاضلة- من الفراغ بكل أشكاله؛ فإنه سمٌّ قاتل، واحرصي على الاستفادة القصوى من وقتك بالعمل أو المذاكرة، أو العمل المجتمعي، أو الرياضة، المهم أن تذهبي إلى حجرة نومك وأنت في كامل الإرهاق البدني والذهني؛ حتى لا يُسيطر عليك الشيطان بتلك الوساوس.

4- عليك بكثرة الصيام، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب، من استطاعَ منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء.

5- أكثري من الصحبة الصالحة، فالمرءُ بإخوانه، وإخوانه بدونه، ومتى ما كانت لك صُحبة صالحة ستدفعك دفعاً إلى فعل الخير، واعلمي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الشيطان يزداد تأثيره كلما كنت منفردة، فعن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَمَنْ أَرَادَ بُحْبُحَةَ الْجَنَّةِ فَعَلَيْهِ بِالْجَمَاعَةِ)

6- وأخيراً: عليك بكثرة الدعاء لله عز وجل أن يذهب عنك هذا الشر، وأن يصرفه عنك، واعلمي أن الدعاء خاصة في جوف الليل سهمٌ صائبٌ، واللهُ وعدَ بإجابة من دعاه، فأقبلي على الله، واعلمي أنك مُعانة من الله متى ما احتميت به. واللهُ الموفق.

 المصدر : موقع راف

اضف تعليق